حروب الإعلام: صراع المصطلحات ومن يفرض روايته في الإعلام الغربي؟
في عصر الإعلام الرقمي والسيطرة السردية، لم تعد الحرب مجرد مواجهة عسكرية على الأرض، بل تحوّلت إلى صراع شرس في مجال اللغة والمصطلحات. في كل حرب، تتشكل الرواية من خلال الكلمات: من يسمّي، يوجّه الرأي العام، ومن يصمت، يُهمَّش. ولعلّ العدوان الإسرائيلي على إيران قد كشف بوضوح حجم التحيز الإعلامي في الغرب، وكيف يتم إنتاج مصطلحات مغلفّة سياسياً وأيديولوجياً، تقلب الموازين وتحوّل المعتدي إلى ضحية.
أولاً: ما هي "حرب المصطلحات"؟
هي استخدام متعمد للمفردات والمفاهيم بغرض تشكيل الوعي السياسي، عبر الإعلام، لتخدم طرفاً معيناً في النزاع. إنها جزء من الحرب النفسية والإعلامية، حيث تُستخدم الكلمات محمّلة بالأيديولوجيا والتأثير العاطفي.
ثانياً: كيف غطّى الإعلام الغربي العدوان الإسرائيلي على إيران؟
منذ بدء الضربات، واصلت وسائل الإعلام الغربية استخدام مفردات تشُرعن الاعتداء، وتُقزّم الرواية الإيرانية، وتُخفي السياق الحقيقي للصراع.
- الحدث الحقيقي: رد إيران بالصواريخ → الإعلام الغربي: تصعيد غير مسؤول
- الحدث الحقيقي: موقف المقاومة في العراق ولبنان → الإعلام الغربي: مليشيات مدعومة من طهران
استخدمت BBC، CNN، وReuters مصطلحات مثل: "عملية استباقية إسرائيلية"، "منشآت تهدد الأمن الإقليمي"، "الرد الإيراني العنيف"، وهي مصطلحات تُعيد تشكيل الواقع لتبرير المعتدي.
لماذا لا تُستخدم مصطلحات مثل "احتلال" أو "عدوان"؟
لأنها تحمّل الغرب مسؤولية قانونية وأخلاقية لا يريد الاعتراف بها.
وماذا عن الإعلام الإيراني؟
نعم، لديه مصطلحاته مثل: "الرد المشروع"، "سيادة إيران"، و"العدوان الإسرائيلي"، لكن الإعلام الغربي يهمّشها.
ثالثاً: مواقع التواصل الاجتماعي، هل كانت حيادية؟
فرضت منصات مثل X ويوتيوب رقابة على المحتوى، فظهرت وسوم مثل:
- #IsraelDefendsItself
- #IranianThreat
في المقابل، تم حظر وسوم مثل:
- #StopIsraeliAggression
- #IranUnderAttack
من يربح معركة التسمية، يربح شرعية المعركة نفسها. الكلمات ليست مجرد أوصاف... إنها أسلحة ناعمة تصنع الرواية.
بقلم: إيمان حسين
قراءة في متغيرات الشرق الأوسط وإعادة تشكيل المنطقة
يشهد الشرق الأوسط اليوم مرحلة فارقة من التحولات الجيوسياسية تعيد رسم خريطة النفوذ والتحالفات، في ظل تصاعد التنافس الإقليمي والدولي، وتآكل الهياكل التقليدية التي حكمت العلاقات منذ نهاية الحرب الباردة.
تراجع الهيمنة الأمريكية وتعدد اللاعبين الدوليين
الوجود الأميركي يتراجع، بينما تعزز روسيا وجودها في سوريا، وتعمّق الصين علاقاتها مع الخليج وإيران عبر مبادرة "الحزام والطريق".
صعود قوى إقليمية بديلة
تركيا، إيران، والإمارات باتت تلعب أدوارًا متقدمة في ملفات مثل ليبيا، اليمن، سوريا، ولبنان. بينما تسعى السعودية والإمارات لصياغة دور جديد، خصوصاً بعد التطبيع.
انفجار النزاعات المزمنة
القضية الفلسطينية، البحر الأحمر، والسودان كلها ساحات تُظهر أن التوتر لم يعد محصورًا بل يتسع ويُدوّل.
تحول الرأي العام وتأثير الإعلام الجديد
لم يعد من السهل فرض سردية واحدة، حيث أصبح للرأي العام والشبكات الاجتماعية تأثير واضح على سياسات الحكومات.
سيناريوهات المستقبل:
- تحالفات مرنة: مصالح فوق الأيديولوجيا، كما في المصالحة الخليجية مع إيران.
- تقسيم مناطق النفوذ: بقاء بؤر توتر وتجمد بعض النزاعات.
- تصعيد المواجهة: بين محور المقاومة والمحور الإسرائيلي-الغربي في ساحات جديدة.
المنطقة تمر بتحول بنيوي، ليس فقط في التفاصيل، بل في شكل النظام الإقليمي بأكمله. على الدول العربية أن تعيد النظر في استراتيجياتها لتكون فاعلة لا مجرد متلقية.
بقلم: إيمان حسين
إرسال تعليق