لماذا لا تنهي الولايات المتحدة حرب غزة؟
بعد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل
بينما نجحت الولايات المتحدة في الدفع نحو وقف لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل، بعد تصعيد عسكري خطير هدد بتوسيع رقعة الصراع في المنطقة، لا تزال آلة الحرب الإسرائيلية تواصل قصفها لغزة دون هوادة، وسط صمت أميركي لافت.
هذا التناقض في المواقف يطرح تساؤلات جوهرية: لماذا تحركت واشنطن لاحتواء صراع إقليمي واسع، لكنها تكتفي بمواقف رمادية حيال ما يحدث في غزة؟
أولاً: فرق في الوزن الاستراتيجي
بين جبهة إيران وإسرائيل وجبهة غزة، يكمن الفارق في "الوزن الاستراتيجي". فالصراع بين قوتين إقليميتين نوويتين له تداعيات إقليمية تشمل أمن الخليج والممرات الملاحية ومصالح الطاقة العالمية. أما غزة، فتوصف كمنطقة محاصرة لا تشكل تهديدًا مباشرًا للمصالح الأميركية، ما يجعلها "أزمة قابلة للإدارة" في العقل الاستراتيجي الأميركي.
ثانياً: الدعم غير المشروط لإسرائيل
يُعد دعم إسرائيل سياسة ثابتة في الإدارات الأميركية المتعاقبة. وتحت ذريعة "حق الدفاع عن النفس"، تبرر واشنطن العمليات الإسرائيلية رغم سقوط آلاف الضحايا المدنيين. ويظهر هذا الدعم عمليًا في مجلس الأمن، حيث عطّلت الولايات المتحدة قرارات تدعو إلى وقف فوري للعمليات العسكرية.
ثالثاً: حسابات الداخل الأميركي
تتزامن حرب غزة مع حملة انتخابية ساخنة، تجعل من اتخاذ موقف صارم ضد إسرائيل محفوفًا بالمخاطر. فاللوبي الإسرائيلي وبعض القواعد الانتخابية يشكّلون ضغطًا كبيرًا، مما يدفع أي إدارة أميركية إلى الحذر في تعاطيها مع الملف.
رابعاً: ازدواجية في المعايير
بينما تتحرك واشنطن بسرعة حين تمس الأزمة مصالحها، تبطئ عندما لا ترى تهديدًا مباشرًا. حقوق الإنسان والقانون الدولي تتحول إلى مفردات مرنة تخضع لمقياس المصالح لا المبادئ.
خامساً: سياسة إدارة الأزمات لا حلها
منذ سنوات، تتبع الولايات المتحدة سياسة "إدارة الصراع" بدل حله. وفي الحالة الفلسطينية، يبدو أن الهدف هو إبقاء الوضع تحت السيطرة دون الوصول إلى تسوية، ما يسمح بتكريس واقع الاحتلال والحصار مع ضبط العنف.
لقد نجحت واشنطن في فرض تهدئة بين إيران وإسرائيل حين رأت أن ذلك يخدم مصالحها، لكنها ترفض ممارسة الضغط ذاته لإنهاء حرب غزة، ما يعكس انتقائية في المواقف تضع المصالح فوق القيم، والتحالفات فوق العدالة.
يبقى السؤال: هل تُقاس دماء الشعوب بمعيار المصلحة؟ أم أن العدالة الدولية باتت تُمنح لأطراف وتُحجب عن أخرى؟
بقلم: إيمان حسين
إرسال تعليق