-->
آخر الأخبار

الموروث الشفهي: هل ما زالت الحكايات الشعبية تجد من يرويها

 
الموروث الشفهي: هل ما زالت الحكايات الشعبية تجد من يرويها

تعُدّ الحكايات الشعبية من أعرق أشكال التعبير الثقافي التي رافقت المجتمعات الإنسانية منذ فجر التاريخ.

فهي ليست مجرد قصص ترُوى للتسلية، بل هي خزّان للذاكرة الجماعية، وأداة لنقل القيم والمعارف، ووسيلة لتشكيل الهوية الثقافية. غير أن السؤال الملحّ اليوم هو: هل ما زالت هذه الحكايات تجد من يرويها في زمن طغت فيه الشاشات والمنصات الرقمية؟

الحكايات الشعبية: وظيفة أبعد من الترفيه

الحكايات الشعبية كانت تمثل مدرسة غير رسمية للأجيال، إذ تغُرس عبرها قيم الشجاعة، الوفاء، الذكاء، والحذر من الغدر. كما أنها وثقّت رؤى المجتمعات للعالم والكون، وفسّرت الظواهر الطبيعية والاجتماعية بمنطقها الرمزي. ولطالما كانت الجدة أو الحكواتي في الأسواق الشعبية هم الجسر الذي يصل الماضي بالحاضر.

التحولات الاجتماعية وتراجع الحكاية الشفوية

مع دخول التعليم النظامي وتطور وسائل الإعلام ثم الثورة الرقمية، بدأ الموروث الشفهي يتراجع . انحسرت جلسات السمر العائلية التي كانت مسرحاً لهذه القصص، وحلتّ محلها شاشات التلفاز والهواتف الذكية. كما أن نمط الحياة السريع في المدن قلصّ من مساحة التلاقي التقليدي، ففقدت الحكايات الشعبية جمهورها الطبيعي.

صمود في الهوامش ومقاومة للنسيان

رغم هذا التراجع، ما زالت بعض البيئات الريفية والقبلية تحافظ على جزء من الموروث الشفهي. ففي الأعراس والاحتفالات الشعبية، ترُوى الحكايات كجزء من طقوس الترفيه والذاكرة. كما بدأت بعض المبادرات الأكاديمية والجمعوية بتوثيق هذه القصص صوتياً وكتابياً لحمايتها من الاندثار. وقد ساهمت منصات التواصل الاجتماعي في إحياء الاهتمام بهذا التراث عبر تسجيلات مرئية لقصاصين شعبيين أو محتويات تحاكي روح "الحكواتي" بأسلوب معاصر.

إيمان حسين  

أحدث أقدم